74 عامًا من العطاء

بالأمس اضطررت للذهاب إلى (مصلحة حكومية) لإجراء هام ويجب أن اذهب إليه بدون أي تأجيل، ويشترط طبعًا في هذا المشوار الروتيني السخيف التباعد الاجتماعي بالاضافة إلى لبس الكمامة كشرط أساسي حتى استطيع الدخول إلى المبني، وهناك قابلت رجلًا رائع (٧٤ عامًا) تناولنا الحديث فيما بيننا وفي حقيقة الأمر هو من كان أكثر ودًا مني وقد بدأ في الحديث بأن أقوم بملأ استماراته حتى لا يخطيء في كتابة أية بيانات في تلك الاستمارة، ودار بيننا بعدها حديث مطوّل سوف يكون هذا موضوع التدوينة.

تحدّث الرجل عن أن ابنه يعيش في دولة خليجية بسبب معيشته وعمله ولديه طفلان أيضًا، الرجل لديه هذا الابن وبنت أخرى قام بتزويجها من حوالي ٣ أعوام، خلال حديثنا استعرت منه قلمه حتى أقوم بملئ الاستمارة التي معي أيضًا، وبعد أنت انتهيت أعار القلم لأي شخصًا يحتاج إليه بكل ودّ، أثناء حديثه معي عن حياته وأولاده وجدنا رجال الأمن يخرجون شخصًا لا يرتدي كمامة، واهتم الرجل بأمر هذا الشخص وقال لي لدي كمامات احتياطية في السيارة، يمكننا أن اعطيه كمامة، قلت له يبدو أنه ذهب لشراء واحدة فلا تحمل همًّا، يكفي نيتك الجميلة.

أيضًا ذكر قصة سفره لأبنه في الدولة الخليجية التي يعمل بها، وكيف أن ابنه قام بحجز تذاكر طيران له ولوالدته في أعلى وأفضل درجة في الطائرة ذهابًا وعودة، وكيف أنه كان سعيدًا في هذه الرحلة، فقلت له بدون تردّد، هذا بعض من نتاج من زرعته في ابنك وبنتك والعطاء الذي قدمته لهما، فقد أصبح ابنك صالحًا بارًا بك وبوالدته.

هذا الرجل ذو الـ 74 عامًا عمل طوال حياته كـ (أوميجي موبيليا) وهذه المهنة والحرفة شاقة جدًا وتحتاج إلى دقة كبيرة، أثناء معرفتي بوظيفته السابقة، حمدت الله على أن لدي خبرة في بعض المهن اليدوية التي ربما قد احتاج إليها يومًا ما فقد تعلمت من والدي الزراعة في مساحات شاسعة ولدي معرفة في أساسيات النجارة والسباكة و أكره (الكهرباء) وأي شيء متعلق بها.

لم ينتهي حديثنا بعد، الرجل قلق جدًا على ابنه في تلك الدولة فقد كان قبل حدوث جائحة كورونا سوف يعود إلى مصر في شهر يونيو 2020 (اجازة) ولكن بسبب ما حدث ظل الابن وأطفاله وزوجته معلقين في تلك البلد، حاولت أن أهوّن عليه ما حدث وأخبرته بأن لدي عدّة أصدقاء في دول بالخليج العربي كانوا سوف يعودون أيًضا وبسبب ما حدث في العالم لم يستطيعون العودة، وشعرت أنه تقّبل الأمر.

أعجبتني الصدفة التي عرفتنّي على هذا الرجل، فأنا من محبين الاستماع لكبار السن فغالبًا يكونوا أكثر صدقًا ويتصرّفون بعفوية مثل الأطفال في مقتبل العمل، أيضًا دائمًا الأشخاص كبار السن يؤكدون لي أن الحياة مليئة بالأشخاص الخيرّين.


أقوم حاليًا بالانتهاء من صفحة شكر وعرفان، والتي سوف أكتب بها اسماء كل الأشخاص الذين قدموا لي مساعدة أو دعم بشكل مباشر أو غير مباشر ولنا علاقة ببعض أو حتى لا توجد علاقة بيني وبينهم شخصية، الأمر يشعرني بسعادة وتقديم تقدير وامتنان وشكر بسيط جدًا، واشكر يونس بن عمارة لأنه سبب في أن ابني هذه الصفحة وسوف انشرها قريبًا حال الانتهاء منها، وأيضًا سوف احدثّها باستمرار.

مصدر الصورة

6 Comments 74 عامًا من العطاء

  1. فرزت

    سعيد بتدويناتك وأبتسم، هذه المواقف الصغيرة والقصص اليومية هي التي تصنع أيامنا وحيواتنا بشكلٍ أو بآخر.

    Reply
  2. nawartaha

    مسرورة أن هناك من يستمتع بصحبة كبار السن، فالكثيرون ينزعجون من ذلك، رغم أنهم فعلًا كنز عظيم من المعرفة والخبرات.
    حفظ الله كبارنا وأدامهم بركة أيامنا

    Reply
    1. MidooDj

      أحب كبار السنّ جدًا وأحب الحديث معهم فهم كالأطفال لا يكذبون في الغالب وعفويين.
      اللهم آمين يا رب

      Reply

✍️ اكتب تعليق